آية رقم 64 - سورة البَقَرَة - تفسير القرآن الكريم

ثُمَّ تَوَلَّيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ



تفسير الميسّر

ثم خالفتم وعصيتم مرة أخرى، بعد أَخْذِ الميثاق ورَفْع الجبل كشأنكم دائمًا. فلولا فَضْلُ الله عليكم ورحمته بالتوبة، والتجاوز عن خطاياكم، لصرتم من الخاسرين في الدنيا والآخرة.



تفسير الوسيط

وقوله تعالى : ( ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذلك ) بيان لنقضهم وإعراضهم عن العمل بالميثاق الذي أخذ عليهم ، ونبذوه خلف ظهورهم .

والمشار إليه بقوله تعالى : ( ذلك ) أخذ الميثاق عليهم ، وقبول ما أوتوه من الكتاب ، والمعنى : ثم أعرضتم وانصرفتم عن طاعتي بعد أخذ الميثاق عليكم ، ومشاهدتكم للآيات التي تستكين لها القلوب؛ لأن قلوبكم كالحجارة أو أشد قسوة .

وقوله تعالى : ( فَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ الخاسرين ) تصريح بما حباهم به - سبحانه - من رأفة بهم ، وقبول لتوبتهم ، وعفو عن خطيئاتهم ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : إنكم بإعراضكم عن طاعتي ، ونقضكم لعهدي ، وإهمالكم العمل بكتابي ، وعدم تأثركم بآياتي ونذري ، قد استحققتم غضبي وعذابي ، ولكن حال دون حلولهما بكم . فضلى الذي تدارككم ورحمتي التي وسعتكم ، ولطفي وإمهالي لكم ، ولولا ذلك لكنتم من الخاسرين في دنياكم وآخرتكم ، بسبب ما اجترحتم من نقض ميثاقكم .

وبذلك تكون الآيتان قد ذكرتا بني إسرائيل المعاصرين للعهد النبوي بما كان من أسلافهم من جحود النعمة ، ونقض للعهد ، وفي هذا التذكير تحذير لهم من السير على.... المزيد



تفسير القرطبي

قوله تعالى : ثم توليتم تولى تفعل ، وأصله الإعراض والإدبار عن الشيء ومجازا .

وقوله : من بعد ذلك أي : من بعد البرهان ، وهو أخذ الميثاق ورفع الجبل . وقوله : فلولا فضل الله عليكم " فضل " مرفوع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف لا يجوز إظهاره ؛ لأن العرب استغنت عن إظهاره ، إلا أنهم إذا أرادوا إظهاره جاءوا ب " أن " ، فإذا جاءوا بها لم يحذفوا الخبر . والتقدير : فلولا فضل الله تدارككم .

" ورحمته " عطف على فضل أي : لطفه وإمهاله . " لكنتم " جواب " لولا " " من الخاسرين " خبر كنتم . والخسران : النقصان ، وقد تقدم . وقيل : فضله قبول التوبة ، ورحمته العفو . والفضل : الزيادة على ما وجب . والإفضال : فعل ما لم يجب . قال ابن فارس في المجمل : الفضل الزيادة والخير ، والإفضال : الإحسان ..... المزيد



تفسير السعدي

فبعد هذا التأكيد البليغ { تَوَلَّيْتُمْ } وأعرضتم, وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات، ولكن { لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }



تفسير البغوي

{ثم توليتم} أعرضتم.

{من بعد ذلك} من بعد ما قبلتم التوراة.

{فلولا فضل الله عليكم ورحمته} يعني بالإمهال وإدراج وتأخير العذاب عنكم.

{لكنتم} لصرتم.

{من الخاسرين} من المغبونين بالعقوبة وذهاب الدنيا والآخرة.

وقيل: من المعذبين في الحال لأنه رحمهم بالإمهال.



تفسير ابن كثير

وقوله تعالى : ( ثم توليتم من بعد ذلك ) يقول تعالى : ثم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم توليتم عنه وانثنيتم ونقضتموه ( فلولا فضل الله عليكم ورحمته ) أي : توبته عليكم وإرساله النبيين والمرسلين إليكم ( لكنتم من الخاسرين ) بنقضكم ذلك الميثاق في الدنيا والآخرة .



تفسير الطبري

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (ثم توليتم): ثم أعرضتم. وإنما هو " تفعلتم " من قولهم: " ولاني فلان دبره " إذا استدبر عنه وخلفه خلف ظهره. ثم يستعمل ذلك في كل تارك طاعة أمر بها، ومعرض بوجهه. (36) يقال: " قد تولى فلان عن طاعة فلان, وتولى عن مواصلته "، ومنه قول الله جل ثناؤه: فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [ التوبة: 76]، يعني بذلك: خالفوا ما كانوا وعدوا الله من قولهم: لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ &; 2-163 &; [ التوبة: 75]، ونبذوا ذلك وراء ظهورهم

* * *

ومن شأن العرب استعارة الكلمة ووضعها مكان نظيرها, كما قال أبو خراش الهذلي: (37)

فليس كعهــد الــدار يـا أم مـالك

ولكـن أحـاطت بالرقـاب السلاسـل (38)

وعــاد الفتـى كـالكهل ليس بقـائل

سـوى الحق شيئا واسـتراح العواذل (39)

يعني بقوله: " أحاطت بالرقاب السلاسل "، أن الإسلام صار - في منعه إيانا ما كنا نأتيه في الجاهلية، مما حرمه ال.... المزيد



سياسة الخصوصية   شروط الاستخدام