آية رقم 111 - سورة النِّسَاء - تفسير القرآن الكريم

وَمَن يَكۡسِبۡ إِثۡمٗا فَإِنَّمَا يَكۡسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا



تفسير الميسّر

ومن يعمد إلى ارتكاب ذنب فإنما يضر بذلك نفسه وحدها، وكان الله تعالى عليمًا بحقيقة أمر عباده، حكيمًا فيما يقضي به بين خلقه.



تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- بأن الأفعال السيئة يعود ضررها على صاحبها وحده فقال- تعالى- وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ، وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً.

والكسب كما يقول الراغب- ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ، ككسب المال. وقد يستعمل فيما يظن الإنسان أنه يجلب منفعة له ثم استجلب به مضرة. وقد ورد في القرآن في فعل الصالحات والسيئات فمما استعمل في الصالحات قوله: أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً. ومما استعمل في السيئات قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ .

ومنه قوله- تعالى- هنا وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ

أى. ومن يرتكب إثما من الآثام التي نهى الله عن ارتكابها، فإن ضرر ذلك يعود على نفسه وحدها. وما دام الأمر كذلك فعلى العاقل أن يبتعد عن الذنوب والآثام حتى ينجو من العقاب.

وقوله وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

تذييل قصد به التحذير من سوء عاقبة اكتساب الآثام.

أى: وكان الله عليما بما في قلوب الناس وبما يقولون ويفعلون، حكيما في كل ما قدر وقضى.

وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من خير أو.... المزيد



تفسير القرطبي

قوله تعالى : ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما

قوله تعالى : ومن يكسب إثما أي ذنبا فإنما يكسبه على نفسه أي عاقبته عائدة عليه . والكسب ما يجر به الإنسان إلى نفسه نفعا أو يدفع عنه به ضررا ؛ ولهذا لا يسمى فعل الرب تعالى كسبا .



تفسير السعدي

{ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ } وهذا يشمل كل ما يؤثم من صغير وكبير، فمن كسب سيئة فإن عقوبتها الدنيوية والأخروية على نفسه، لا تتعداها إلى غيرها، كما قال تعالى: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } لكن إذا ظهرت السيئات فلم تنكر عمت عقوبتها وشمل إثمها، فلا تخرج أيضا عن حكم هذه الآية الكريمة، لأن من ترك الإنكار الواجب فقد كسب سيئة. وفي هذا بيان عدل الله وحكمته، أنه لا يعاقب أحدا بذنب أحد، ولا يعاقب أحدا أكثر من العقوبة الناشئة عن ذنبه، ولهذا قال: { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي: له العلم الكامل والحكمة التامة. ومن علمه وحكمته أنه يعلم الذنب وما صدر منه، والسبب الداعي لفعله، والعقوبة المترتبة على فعله، ويعلم حالة المذنب، أنه إن صدر منه الذنب بغلبة دواعي نفسه الأمارة بالسوء مع إنابته إلى ربه في كثير من أوقاته، أنه سيغفر له ويوفقه للتوبة. وإن صدر منه بتجرئه على المحارم استخفافا بنظر ربه، وتهاونا بعقابه، فإن هذا بعيد من المغفرة بعيد من التوفيق للتوبة..... المزيد



تفسير البغوي

( ومن يكسب إثما ) يعني : يمين طعمة بالباطل ، أي : ما سرقته إنما سرقه اليهودي ( فإنما يكسبه على نفسه ) فإنما يضر به نفسه ، ( وكان الله عليما ) بسارق الدرع ( حكيما ) حكم بالقطع على السارق .



تفسير ابن كثير

وقوله : ( ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه [ وكان الله عليما حكيما ] ) كقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى [ وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ] ) الآية : [ فاطر : 18 ] يعني أنه لا يجني أحد على أحد ، وإنما على كل نفس ما عملت ، لا يحمل عنها غيرها ; ولهذا قال تعالى : ( وكان الله عليما حكيما ) أي : من علمه وحكمته ، وعدله ورحمته كان ذلك .



تفسير الطبري

القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل خطيئة، وهي الذنب=" أو إثمًا "، وهو ما لا يحلّ من المعصية. (65)

* * *

وإنما فرق بين " الخطيئة " و " الإثم "، لأن " الخطيئة "، قد تكون من قبل العَمْد وغير العمد، و " الإثم " لا يكون إلا من العَمْد، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما فقال: ومن يأت " خطيئة " على غير عمد منه لها=" أو إثمًا " على عمد منه.

* * *

=" ثم يرم به بريئًا "، (66) يعني: ثم يُضيف ماله من خطئه أو إثمه الذي تعمده (67) =" بريئًا " مما أضافه إليه ونحله إياه=" فقد احتمل بُهتانًا وإثمًا مبينًا "، يقول: (68) فقد تحمّل بفعله ذلك فريَة وكذبًا وإثمًا عظيمًا= يعني، وجُرْمًا عظيمًا، على علم منه وعمدٍ لما أتى من معصيته وذنبه.

* * *

واختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: " بريئًا "، بعد إجماع جميعهم على أن الذي رمى البريءَ من الإثم الذي كان أتاه، ابن أبيرق الذي وصفنا شأنه قبل.

فقال بعضهم: عنى الله عز وجل بال.... المزيد



سياسة الخصوصية   شروط الاستخدام