آية رقم 158 - سورة النِّسَاء - تفسير القرآن الكريم
بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا
القول في تفسير قوله تعالى: بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما
تفسير الميسّر
بل رفع الله عيسى إليه ببدنه وروحه حيًّا، وطهَّره من الذين كفروا. وكان الله عزيزًا في ملكه، حكيمًا في تدبيره وقضائه.
تفسير السعدي
تفسير الايات 152 حتى 159 :ـ هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول محمد صلى الله عليه وسلم على وجه العناد والاقتراح، وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم. وهو أنهم سألوه أن ينزل عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل، وهذا غاية الظلم منهم والجهل، فإن الرسول بشر عبد مدبر، ليس في يده من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، وهو الذي يرسل وينزل ما يشاء على عباده كما قال تعالى عن الرسول، لما ذكر الآيات التي فيها اقتراح المشركين على محمد صلى الله عليه وسلم، { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا } وكذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه؟ بل نزول هذا القرآن مفرقا بحسب الأحوال مما يدل على عظمته واعتناء الله بمن أنزل عليه، كما قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا و.... المزيد
تفسير الوسيط
والمعنى: أن اليهود قد زعموا أنهم قتلوا عيسى - عليه السلام - وزعمهم هذا أبعد ما يكون عن الحق والصواب، لأن الحق المتيقن فى هذه المسألة أنهم لم يقتلوه، فقد نجاه الله من مكرهم، ورفع عيسى إليه، وكان الله { عَزِيزاً }. أى منيع الجناب، لا يلجأ إليه أحد إلا أعزه وحماه. { حَكِيماً } فى جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور.
هذا، وجمهور العلماء على أن الله - تعالى - رفع عيسى إليه بجسده وروحه لا بروحه فقط قال بعض العلماء: والجمهور على أن عيسى رفع حيا من غير موت ولا غفوة بجسده وروحه إلى السماء. والخصوصية له - عليه السلام - هى فى رفعه بجسده وبقائه فيها إلى الأمر المقدر له.
وفى بعضهم الرفع فى قوله - تعالى - { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ } بأنه رفع بالروح فقط.
وقد بسطنا القول فى هذه المسألة عند تفسيرنا لسورة آل عمران فى قوله تعالى -:{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ }.... المزيد
تفسير البغوي
( بل رفعه الله إليه ) وقيل قوله " يقينا " ترجع إلى ما بعده وقوله " وما قتلوه " كلام تام تقديره : بل رفعه الله إليه يقينا ، والهاء في " ما قتلوه " كناية عن عيسى عليه السلام ، وقال الفراء رحمه الله : معناه وما قتلوا الذي ظنوا أنه عيسى يقينا ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه : ما قتلوا ظنهم يقينا ، ( وكان الله عزيزا ) منيعا بالنقمة من اليهود ، ( حكيما ) حكم باللعنة والغضب عليهم ، فسلط عليهم ضيطوس بن اسبسيانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة .
تفسير القرطبي
بل رفعه الله إليه ابتداء كلام مستأنف ؛ أي إلى السماء ، والله تعالى متعال عن المكان ؛ وقد تقدم كيفية رفعه في " آل عمران " . وكان الله عزيزا أي قويا بالنقمة من اليهود فسلط عليهم بطرس بن أستيسانوس الرومي فقتل منهم مقتلة عظيمة . حكيما حكم عليهم باللعنة والغضب .
تفسير ابن كثير
( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) أي منيع الجناب لا يرام جنابه ، ولا يضام من لاذ ببابه ( حكيما ) أي : في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، والسلطان العظيم ، والأمر القديم .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء ، خرج على أصحابه - وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين - يعني : فخرج عليهم من عين في البيت ، ورأسه يقطر ماء ، فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن بي . ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي ، فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم سنا ، فقال له : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب ، فقال : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا . فقال : أنت هو ذاك . فألقي عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء . قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ، ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن به ، وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما.... المزيد
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله : بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)
قال أبو جعفر: أما قوله جل ثناؤه: " بل رفعه الله إليه "، فإنه يعني: بل رفع الله المسيح إليه. يقول: لم يقتلوه ولم يصلبوه، ولكن الله رفعه إليه فطهَّره من الذين كفروا.
* * *
وقد بيّنا كيف كان رفع الله إياه إليه فيما مضى، وذكرنا اختلاف المختلفين في ذلك، والصحيحَ من القول فيه بالأدلة الشاهدة على صحته، بما أغنى عن إعادته. (38)
* * *
وأما قوله: " وكان الله عزيزًا حكيمًا "، فإنه يعني: ولم يزل الله منتقمًا من أعدائه، (39) كانتقامه من الذين أخذتهم الصاعقة بظلمهم، وكلعنه الذين قصّ قصتهم بقوله: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ =" حكيمًا "، يقول: ذا حكمة في تدبيره وتصريفه خلقَه في قضائه. (40) يقول: فاحذروا أيها السائلون محمدًا أن ينـزل عليكم كتابًا من السماء، من حلول عقوبتي بكم، كما حل بأوائلكم الذين فعلوا فعلكم، في تكذيبهم رسلي وافترائهم على أوليائي، وقد:-
10793- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي سارة الرُّؤَاسيّ، عن الأعمش،.... المزيد