آية رقم 55 - سورة النِّسَاء - تفسير القرآن الكريم
فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا
تفسير الميسّر
فمن هؤلاء الذين أوتوا حظًّا من العلم، مَن صدَّق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وعمل بشرعه، ومنهم مَن أعرض ولم يستجب لدعوته، ومنع الناس من اتباعه. وحسبكم -أيها المكذبون- نار جهنم تسعَّر بكم.
تفسير الوسيط
ثم بين- سبحانه- عاقبة كل من المحسن والمسيء فقال: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً.
أى: فمن جنس هؤلاء الحاسدين وآبائهم من آمن وصدق بما أعطاه الله لآل إبراهيم من كتاب وحكمه، ومنهم من كفر به وأعرض عنه وسعى في صد الناس عنه. فالضمير في بِهِ وعَنْهُ يعود إلى ما أوتى آل إبراهيم.
ويرى بعضهم أن الضمير يعود إلى إبراهيم- عليه السلام. فيكون المعنى:
فمن آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من أعرض عنه ولم يتبع تعاليمه.
وفي هذه الآية الكريمة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما لقيه من اليهود من أذى.
فكأنه- سبحانه- يقول له: إن هؤلاء الحاسدين لك قد اختلفوا على من هم منهم، وأنت يا محمد لست منهم، فكيف تنتظر منهم أن يسالموك أو يتبعوك؟
وقوله وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً بيان لما أعده- سبحانه- للكافرين من عذاب.
أى: وكفى بجهنم نارا مسعرة أى: موقدة إيقادا شديدا يعذبون بها على كفرهم وعنادهم وصدودهم عن الحق. يقال: سعر النار- كمنع- وسعرها وأسعرها أى: أوقدها.
وكفى فعل ماض. وقوله بِجَهَنَّمَ فاعله على زيادة الباء فيه..... المزيد
تفسير القرطبي
قوله تعالى : فمنهم من آمن به يعني بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه تقدم ذكره وهو المحسود . ومنهم من صد عنه أعرض فلم يؤمن به . وقيل : الضمير في به راجع إلى إبراهيم . والمعنى : فمن آل إبراهيم من آمن به ومنهم من صد عنه . وقيل : يرجع إلى الكتاب . والله أعلم .
تفسير السعدي
{ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ } أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم فنال بذلك السعادة الدنيوية والفلاح الأخروي. { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } عنادًا وبغيًا وحسدًا فحصل لهم من شقاء الدنيا ومصائبها ما هو بعض آثار معاصيهم { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } تسعر على من كفر بالله، وجحد نبوة أنبيائه من اليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفرة.
تفسير البغوي
قال الله تعالى : ( فمنهم من آمن به ) يعني : بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهم عبد الله بن سلام وأصحابه ، ( ومنهم من صد عنه ) أعرض عنه ولم يؤمن به ، ( وكفى بجهنم سعيرا ) وقودا ، وقيل : الملك العظيم : ملك سليمان . وقال السدي : الهاء في قوله ( من آمن به ومنهم من صد عنه ) راجعة إلى إبراهيم ، وذلك أن إبراهيم زرع ذات سنة ، وزرع الناس فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم عليه السلام ، فاحتاج إليه الناس فكان يقول : من آمن بي أعطيته فمن آمن به أعطاه ، ومن لم يؤمن به منعه .
تفسير ابن كثير
ومع هذا ( فمنهم من آمن به ) أي : بهذا الإيتاء وهذا الإنعام ( ومنهم من صد عنه ) أي : كفر به وأعرض عنه ، وسعى في صد الناس عنه ، وهو منهم ومن جنسهم ، أي من بني إسرائيل ، فقد اختلفوا عليهم ، فكيف بك يا محمد ولست من بني إسرائيل ؟ .
وقال مجاهد : ( فمنهم من آمن به ) أي : بمحمد صلى الله عليه وسلم ( ومنهم من صد عنه ) فالكفرة منهم أشد تكذيبا لك ، وأبعد عما جئتهم به من الهدى ، والحق المبين .
ولهذا قال متوعدا لهم : ( وكفى بجهنم سعيرا ) أي : وكفى بالنار عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم ومخالفتهم كتب الله ورسله .
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله عز وجل : فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فمن الذين أوتوا الكتاب = من يهود بني إسرائيل، الذين قال لهم جل ثناؤه: آمِنُوا بِمَا نَـزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا =" مَنْ آمن به "، يقول: من صدَّق بما أنـزلنا على محمد صلى الله عليه وسلم مصدّقًا لما معهم =" ومنهم من صدّ عنه "، ومنهم من أعرَض عن التصديق به، (16) كما:-
9831 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فمنهم من آمن به "، قال: بما أنـزل على محمد من يهود =" ومنهم من صدّ عنه ".
9832 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دلالة على أن الذين صدّوا عما أنـزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم، من يهود بني إسرائيل الذين كانوا حوالَيْ مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما رَفعَ عنهم وعيدَ الله الذي توعِّده.... المزيد