آية رقم 136 - سورة الأعرَاف - تفسير القرآن الكريم
فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡيَمِّ بِأَنَّهُمۡ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُواْ عَنۡهَا غَٰفِلِينَ
القول في تفسير قوله تعالى: فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين
تفسير الميسّر
فانتقمنا منهم حين جاء الأجل المحدد لإهلاكهم، وذلك بإحلال نقمتنا عليهم، وهي إغراقهم في البحر؛ بسبب تكذيبهم بالمعجزات التي ظهرت على يد موسى، وكانوا عن هذه المعجزات غافلين، وتلك الغفلة هي سبب التكذيب.
تفسير السعدي
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ أي: حين جاء الوقت المؤقت لهلاكهم، أمر اللّه موسى أن يسري ببني إسرائيل ليلا وأخبره أن فرعون سيتبعهم هو وجنوده فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يجمعون الناس ليتبعوا بني إسرائيل، وقالوا لهم: إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِين * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ . وقال هنا: فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ أي: بسبب تكذيبهم بآيات اللّه وإعراضهم عما دلت عليه من الحق.... المزيد
تفسير الوسيط
ثم حكت السورة الكريمة نهايتهم الأليمة، بسبب نقضهم لعهودهم ومواثيقهم في كل مرة، وبسبب تكذيبهم لآيات الله. وعصيانهم لنبيهم موسى- عليه السلام- فقالت: فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ، بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ أى: فانتقمنا منهم عند بلوغ الأجل المضروب لإهلاكهم. بأن أغرقناهم في اليم- أى البحر-، وذلك بسبب تكذيبهم لآياتنا الواضحة، وحججنا الساطعة، وكانوا عنها غافلين بحيث لا يتدبرونها، ولا يتفكرون فيما تحمله من عظات وعبر.
والقرآن هنا يسوق حادث إغراق فرعون وملئه بصورة مجملة، فلا يفصل خطواته كما فصلها في مواطن أخرى، وذلك لأن المقام هنا هو مقام الأخذ الحاسم بعد الإمهال الطويل، فلا داعي إذن إلى طول العرض والتفصيل. إن الحسم السريع هنا أوقع في النفس، وأرهب للحس، وأزجر للقلب، وأدعى إلى العظة والاعتبار، ولأن سورة الأعراف- كما سبق أن بينا- يغلب عليها هذا الأسلوب الذي يزلزل قلوب الطغاة، ويغرس في النفوس الرهبة والخوف وهي تقص على الناس ما أصاب الظالمين من عذاب دنيوى مضى وصار تاريخا يعلمونه ويتحدثون عنه، وهو ما حل بالأمم السابقة التي كذبت رسلها وع.... المزيد
تفسير البغوي
( فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ) يعني : البحر ( بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) أي : عن النقمة قبل حلولها غافلين . وقيل : معناه عن آياتنا معرضين .
تفسير القرطبي
فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين واليم البحر . وكانوا عنها أي النقمة . دل عليها فانتقمنا وقيل : عن الآيات أي لم يعتبروا بها حتى صاروا كالغافلين عنها .
تفسير ابن كثير
يخبر تعالى أنهم لما عتوا وتمردوا ، مع ابتلائه إياهم بالآيات المتواترة واحدة بعد واحدة ، [ أنه ] انتقم منهم بإغراقه إياهم في اليم ، وهو البحر الذي فرقه لموسى ، فجاوزه وبنو إسرائيل معه ، ثم ورده فرعون وجنوده على أثرهم ، فلما استكملوا فيه ارتطم عليهم ، فغرقوا عن آخرهم ، وذلك بسبب تكذيبهم بآيات الله وتغافلهم عنها .
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله : فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما نكثوا عهودهم = " انتقمنا منهم ", يقول: انتصرنا منهم بإحلال نقمتنا بهم، (63) وذلك عذابه = " فأغرقناهم في اليمّ", وهو البحر, كما قال ذو الرمة:
دَاوِيَّــةٌ وَدُجَــى لَيْــلٍ كَأَنَّهُمَــا
يَــمٌّ تَـرَاطَنُ فِـي حَافَاتِـهِ الـرُّومُ (64)
وكما قال الراجز: (65)
* كَبَاذِحِ الْيَمِّ سَقَاهُ الْيَمُّ * (66)
=(بأنهم كذبوا بآياتنا) يقول: فعلنا ذلك بهم بتكذيبهم بحججنا وأعلامنا التي أريناهموها (67) =(وكانوا عنها غافلين)، يقول: وكانوا عن النقمة التي أحللناها بهم، غافلين قبل حلولها بهم أنّها بهم حالَّةٌ.
* * *
و " الهاء والألف " في قوله: " عنها "، كناية من ذكر " النقمة ", فلو قال قائل: هي كناية من ذكر " الآيات ", ووجّه تأويل الكلام إلى: وكانوا عنها معرضين = فجعل إعراضهم عنها غفولا منهم إذ لم يقبلوها, كان مذهبًا. يقال من " الغفلة ", " غفل الرجل عن كذا يغفُل عنه غَفْ.... المزيد