آية رقم 17 - سورة الأعرَاف - تفسير القرآن الكريم

ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ



القول في تفسير قوله تعالى: ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين

تفسير الميسّر

ثم لآتينَّهم من جميع الجهات والجوانب، فأصدهم عن الحق، وأُحسِّن لهم الباطل، وأرغبهم في الدنيا، وأشككهم في الآخرة، ولا تجد أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك.



تفسير السعدي

{ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ } أي: من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من إدراك بعض مقصوده فيهم. ولما علم الخبيث أنهم ضعفاء قد تغلب الغفلة على كثير منهم، وكان جازما ببذل مجهوده على إغوائهم، ظن وصدق ظنه فقال: { وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } فإن القيام بالشكر من سلوك الصراط المستقيم، وهو يريد صدهم عنه، وعدم قيامهم به، قال تعالى: { إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } وإنما نبهنا اللّه على ما قال وعزم على فعله، لنأخذ منه حذرنا ونستعد لعدونا، ونحترز منه بعلمنا، بالطريق التي يأتي منها، ومداخله التي ينفذ منها، فله تعالى علينا بذلك، أكمل نعمة..... المزيد



تفسير الوسيط

وقوله: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ زيادة بيان لحرص الشيطان على إضلال بنى آدم بشتى الوسائل، أى: آتيهم من الجهات الأربع التي اعتاد العدو أن يهاجم عدوه منها، والمراد: لأسولنّ لهم ولأضلنّهم بحيث لا أفتر عن ذلك ولا أيأس.

وقيل إن معنى ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ أى: من قبل الآخرة لأنها مستقبلة آتية، وما هو كذلك فكأنه بين الأيدى. وَمِنْ خَلْفِهِمْ أى من قبل الدنيا لأنها ماضية بالنسبة إلى الآخرة ولأنها فانية متروكة «وعن أيمانهم وعن شمائلهم» أى: من جهة حسناتهم وسيئاتهم بحيث أزين لهم السيئات وأزهدهم في الحسنات.

وقوله: وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ أى: مطيعين مستعملين لقواهم وجوارحهم وما أنعم الله به عليهم في طريق الطاعة والتقرب إلى الله.

وإنما قال ذلك لما رآه من الأمارات على طريق الظن كقوله- تعالى-: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

ولقد وردت آيات كثيرة وأحاديث متعددة في التحذير من الشيطان وكيده، ومن ذلك قوله- ت.... المزيد



تفسير البغوي

( ثم لآتينهم من بين أيديهم ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : من بين أيديهم أي من قبل الآخرة فأشككهم فيها ، ( ومن خلفهم ) أرغبهم في دنياهم ، ( وعن أيمانهم ) أشبه عليهم أمر دينهم . ( وعن شمائلهم ) أشهي لهم المعاصي ، وروى عطية عن ابن عباس : ( من بين أيديهم ) من قبل دنياهم ، يعني أزينها في قلوبهم ، ( ومن خلفهم ) من قبل الآخرة فأقول : لا بعث ، ولا نشور ، ولا جنة ، ولا نار . ( وعن أيمانهم ) من قبل حسناتهم ، ( وعن شمائلهم ) من قبل سيئاتهم .

وقال الحكم : من بين أيديهم : من قبل الدنيا يزينها لهم ، ومن خلفهم : من قبل الآخرة يثبطهم عنها ، وعن أيمانهم : من قبل الحق يصدهم عنه ، وعن شمائلهم : من قبل الباطل يزينه لهم . وقال قتادة : أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار . ومن خلفهم : من أمور الدنيا يزينها لهم ويدعوهم إليها ، وعن أيمانهم : من قبل حسناتهم بطأهم عنها ، وعن شمائلهم : زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله . وقال مجاهد : من بين أيديهم وعن أيمانهم من حيث يبصرون ، ومن خلفهم وعن ش.... المزيد



تفسير القرطبي

ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم أي لأصدنهم عن الحق ، وأرغبنهم في الدنيا ، وأشككهم في الآخرة . وهذا غاية في الضلالة . كما قال : ولأضلنهم حسب ما تقدم . وروى سفيان عن منصور عن الحكم بن عتيبة : من بين أيديهم من دنياهم . ومن خلفهم من آخرتهم . وعن أيمانهم يعني حسناتهم . وعن شمائلهم يعني سيئاتهم . قال النحاس : وهذا قول حسن وشرحه : أن معنى ثم لآتينهم من بين أيديهم من دنياهم ، حتى يكذبوا بما فيها من الآيات وأخبار الأمم السالفة ومن خلفهم من آخرتهم حتى يكذبوا بها . وعن أيمانهم من حسناتهم وأمور دينهم . ويدل على هذا قوله : إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين وعن شمائلهم يعني سيئاتهم ، أي يتبعون الشهوات ; لأنه يزينها لهم .

ولا تجد أكثرهم شاكرين أي موحدين طائعين مظهرين الشكر ..... المزيد



تفسير ابن كثير

وقوله : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ) أشككهم في آخرتهم ، ( ومن خلفهم ) أرغبهم في دنياهم ( وعن أيمانهم ) أشبه عليهم أمر دينهم ( وعن شمائلهم ) أشهي لهم المعاصي .

وقال علي بن طلحة - في رواية - والعوفي ، كلاهما عن ابن عباس : أما ( من بين أيديهم ) فمن قبل دنياهم ، وأما ) من خلفهم ) فأمر آخرتهم ، وأما ) عن أيمانهم ) فمن قبل حسناتهم ، وأما ) عن شمائلهم ) فمن قبل سيئاتهم .

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : أتاهم ( من بين أيديهم ) فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار ( ومن خلفهم ) من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها و ) عن أيمانهم ) من قبل حسناتهم بطأهم عنها ( وعن شمائلهم ) زين لهم السيئات والمعاصي ، ودعاهم إليها ، وأمرهم بها . أتاك يا ابن آدم من كل وجه ، غير أنه لم يأتك من فوقك ، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله .

وكذا روي عن إبراهيم النخعي ، والحكم بن عتيبة والسدي ، وابن جرير إلا أنهم قالوا : ( من بين أيديهم ) الدنيا ( ومن خلفهم ) الآخرة .

وق.... المزيد



تفسير الطبري

القول في تأويل قوله : ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: معنى قوله: (لآتينهم من بين أيديهم)، من قبل الآخرة =(ومن خلفهم)، من قبل الدنيا =(وعن أيمانهم)، من قِبَل الحق =(وعن شمائلهم)، من قبل الباطل.

* ذكر من قال ذلك:

14369- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم)، يقول: أشككهم في آخرتهم =(ومن خلفهم)، أرغبهم في دنياهم =(وعن أيمانهم)، أشبِّه عليهم أمرَ دينهم =(وعن شمائلهم)، أشَهِّي لهم المعاصي.

* * *

وقد روي عن ابن عباس بهذا الإسناد في تأويل ذلك خلاف هذا التأويل, وذلك ما:-

14370- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ثم لآتينهم من بين أيديهم)، يعني من الدنيا =(ومن خلفهم)، من الآخرة =(وعن أيمانهم)، من قبل حسناتهم =(وعن شمائلهم)، من قبل سيئاتهم..... المزيد

<


سياسة الخصوصية   شروط الاستخدام