آية رقم 72 - سورة الأعرَاف - تفسير القرآن الكريم
فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ
القول في تفسير قوله تعالى: فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين
تفسير الميسّر
فوقع عذاب الله بإرسال الريح الشديدة عليهم، فأنجى الله هودًا والذين آمنوا معه برحمة عظيمة منه تعالى، وأهلك الكفار من قومه جميعا ودمَّرهم عن آخرهم، وما كانوا مؤمنين لجمعهم بين التكذيب بآيات الله وترك العمل الصالح.
تفسير السعدي
{ فَأَنْجَيْنَاهُ } أي: هودا { وَالَّذِينَ } آمنوا { مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا } فإنه الذي هداهم للإيمان، وجعل إيمانهم سببا ينالون به رحمته فأنجاهم برحمته، { وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } أي: استأصلناهم بالعذاب الشديد الذي لم يبق منهم أحدا، وسلط اللّه عليهم الريح العقيم، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم، فأهلكوا فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، فانظر كيف كان عاقبة المنذرين الذين أقيمت عليهم الحجج، فلم ينقادوا لها، وأمروا بالإيمان فلم يؤمنوا فكان عاقبتهم الهلاك، والخزي والفضيحة. { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } وقال هنا { وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } بوجه من الوجوه، بل وصفهم التكذيب والعناد، ونعتهم الكبر والفساد..... المزيد
تفسير الوسيط
ولم يطل انتظار هود عليهم، فقد حل بهم العقاب الذي توعدهم به سريعا ولذا قال- تعالى-: فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا الفاء فصيحة. أى: فوقع ما وقع فأنجينا هودا والذين اتبعوه في عقيدته برحمة عظيمة منا لا يقدر عليها غيرنا.
وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أى: استأصلناهم عن آخرهم بالريح العقيم التي ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ.
فقطع الدابر كناية عن الاستئصال والإهلاك للجميع يقال قطع الله دابره أى: أذهب أصله.
وقوله: وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ عطف على كَذَّبُوا داخل معه حكم الصلة أى: أصروا على الكفر والتكذيب ولم يرجعوا عن ذلك أصلا.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما فائدة نفى الإيمان عنهم في قوله: وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ مع إثبات التكذيب بآيات الله؟ قلت: هو تعريض بمن آمن منهم- كمرثد بن سعد- ومن نجا مع هود- عليه السلام- كأنه قال: وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم، ولم يكونوا مثل من آمن منهم ليؤذن أن الهلاك للمكذبين ونجى الله المؤمنين» .
وهكذا طويت صفحة أخرى من صحائف المكذبين، وتحقق النذير في قوم هود كم.... المزيد
تفسير البغوي
( فأنجيناه ) يعني هودا عند نزول العذاب ، ( والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا ) أي : استأصلناهم وأهلكناهم عن آخرهم ، ( وما كانوا مؤمنين )
وكانت قصة عاد على ما ذكر محمد بن إسحاق وغيره : أنهم كانوا قوما ينزلون اليمن وكانت مساكنهم بالأحقاف ، وهي رمال بين عمان وحضرموت ، وكانوا قد فشوا في الأرض كلها وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله - عز وجل - ، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها ، صنم يقال له صدى ، وصنم يقال له صمود ، وصنم يقال له الهباء ، فبعث الله إليهم هودا نبيا ، وهو من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا ، فأمرهم أن يوحدوا الله ويكفوا عن ظلم الناس ولم يأمرهم بغير ذلك ، فكذبوه فقالوا من أشد منا قوة فبنوا المصانع وبطشوا بطشة الجبارين ، فلما فعلوا ذلك أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك .
وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء فطلبوا الفرج كانت طلبتهم إلى الله - عز وجل - عند بيته الحرام بمكة مسلمهم ومشركهم ، فيجتمع بمكة ناس كثير شتى ، مختلفة أديانهم وكلهم معظم لمكة ، وأهل مكة يومئذ العماليق سموا عماليق ، لأن أباهم عمليق بن لاذا بن سام بن نوح ، وكان سيد ال.... المزيد
تفسير القرطبي
" دابر " آخر .
وقد تقدم أي لم يبق لهم بقية .
تفسير ابن كثير
( فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين )
وقد ذكر الله ، سبحانه ، صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن ، بأنه أرسل عليهم الريح العقيم ، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ، كما قال في الآية الأخرى : ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ) [ الحاقة : 6 - 8 ] لما تمردوا وعتوا أهلكهم الله بريح عاتية ، فكانت تحمل الرجل منهم فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتثلغ رأسه حتى تبينه من جثته ; ولهذا قال : ( كأنهم أعجاز نخل خاوية )
وقال محمد بن إسحاق : كانوا يسكنون باليمن من عمان وحضرموت ، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض وقهروا أهلها ، بفضل قوتهم التي آتاهم الله ، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها من دون الله ، فبعث الله إليهم هودا ، عليه السلام ، وهو من أوسطهم نسبا ، وأفضلهم موضعا ، فأمرهم أن يوحدوا الله ولا يجعلوا معه إلها غيره ، وأن يكفوا عن ظلم الناس ، فأبوا عليه وكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ؟ واتبعه منهم ناس ، وهم يسير مكتتمون بإيما.... المزيد
تفسير الطبري
القول في تأويل قوله : فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحًا والذين معه من أتباعه على الإيمان به والتصديق به وبما دعَا إليه ، من توحيد الله ، وهجر الآلهة والأوثان=( برحمة منّا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا )يقول: وأهلكنا الذين كذَّبوا من قوم هود بحججنا جميعًا عن آخرهم، فلم نبق منهم أحدًا ، كما:-
14809-حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وقطعنا دابرَ الذين كذبوا بآياتنا )قال: استأصلناهم.
* * *
وقد بينا فيما مضى معنى قوله: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنعام: 45 ] ، بشواهده ، بما أغنى عن إعادته. (81)
* * *
=(وما كانوا مؤمنين )يقول: لم يكونوا مصَدّقين بالله ولا برسوله هود.
--------------------
الهوامش :
(81) انظر تفسير"قطع دابرهم" فيما سلف 11: 363 ، 364..... المزيد